يقول الإمام ابن كثير: يقول الله تعالى مخبرا عن نعمته وفضله وإحسانه إلى عباده المؤمنين في صرفه أعداءهم وهزمه إياهم عام تألبوا عليهم وتحزبوا وذلك عام الخندق (١).
فعوملوا معاملة من يُختبر، فظهر الراسخ من المتزلزل، وحينئذ ظهر النفاق وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم:[وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً] فهنا ظهر شاهد من شواهد الإيمان فقال سبحانه مخبراً عن عباده المؤمنين الصادقين بوعود الله لهم وجعله العاقبة حاصلة لهم في الدنيا والآخرة فقال سبحانه [وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً] الأحزاب ٢٢. قال ابن عباس رضي الله عنه وقتادة رحمه الله: يعنون قوله تعالى في سورة البقرة [أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ] البقرة ٢١٤، أي: هذا ما وعدنا الله ورسوله، من الابتلاء والاختبار والامتحان الذي يعقبه النصر القريب، ولهذا قال تعالى [وَصَدَقَ اللَّهُ