للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهد الله لهم بالإيمان ووعدهم الجنة (١).

فبيّن الله سبحانه في هذه الآية فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله، فقال: [لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ]. وإنما كانت النفقة قبل الفتح أعظم، لأن حاجة الناس كانت أكثر، لضعف الإسلام، وفعل ذلك كان على المنفقين حينئذ أشق، والأجر على قدر النصب، وهؤلاء هم السابقون الأولون من المهاجرين (٢). والأنصار الذي جاء في حقهم قوله عليه الصلاة والسلام: (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) (٣).

ولما كان التفضيل بين الأمور قد يتوهم منه نقص وقدح في المفضول، احترز تعالى من هذا بقوله [وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى] أي الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده، والفتح على المشهور (فتح مكة)، وقيل: الحديبية، كلهم وعدهم الله تعالى الجنة مع تفاوت الدرجات.

قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها.

وقال الزجاج: لأن المتقدمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم,


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن ٧٧٩
(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١٨/ ٢٠٥
(٣) أبو حيان: البحر المحيط: ١٠/ ١٠٣

<<  <   >  >>