للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: سبب مشروعية الرمي وحكمته]

وردت أحاديث تدل على أن أوَّل من رمى الجمار إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ (١) في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض))، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون)) (٢)، وغير ذلك من الحكم (٣).


(١) ساخ في الأرض: أي غاص فيها.
(٢) ابن خزيمة، بنحوه، برقم ٢٩٦٧، والحاكم، ١/ ٤٦٦، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، على شرط مسلم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٣٧.
(٣) وذكر شيخنا ابن باز رحمه الله في مجموع فتاويه، ١٧/ ٣١٠ - ٣١٣ حكماً أخرى هي:
١ - اقتداءً بأبينا إبراهيم الخليل - عليه السلام - حين اعترض له الشيطان في هذه المواقف، وبنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حين شرع ذلك لأمته في حجة الوداع.
٢ - إقامة ذكر الله تعالى: ((إنما جعل الطواف بالبيت، والسّعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) [أحمد، ٤٠/ ٤٠٨]، وتقدم تخريجه.
٣ - التقيّد بالعدد سبعة له حكمة عظيمة، وهو التذكر بما شرع الله من هذا العدد: ترمى بسبع حصيات: كالطواف سبعاً، والسعي سبعاً.
٤ - الدين الإسلامي دين امتثال لأمر الله، حتى ولو خفيت الحكمة.
٥ - رمي الجمار يشعر المسلم بالتواضع والخضوع في امتثال الأمر، كما أنه يعوِّد المسلم على النظام والترتيب في المواعيد.
٦ - الاحتفاظ بالحصيات وعدم وضعها في غير موضعها يشعر المسلم بأهمية المحافظة على ما شرع ربه وعدم الإسراف، ووضع الأمور في مواضعها من غير تبذير ولا زيادة.
٧ - الرمي رمز وإشارة إلى عداوة الشيطان.
٨ - غاية في تحقير المرجوم، والمسلم يرجم الجمار لكن الأصل لرجم إبراهيم - عليه السلام - أن رجم الشيطان [رمي الجمرات للشريف، ص ٢٦].

<<  <   >  >>