للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الأرض، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - بالإبراد بصلاة الظهر، في شدّة الحرِّ (١).

فلما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعمَّد أن يؤخِّر الرمي حتى تزول الشمس مع أنه أشقُّ على الناس دلَّ هذا على أن الرمي قبل الزوال في أيام التشريق لا يجوز ولا يجزئ (٢).

الدليل الحادي عشر: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بادر بالرمي حين زالت الشمس، فرمى قبل أن يصلّي الظهر، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - يترقَّب زوال الشمس ليرمي ثم ليصلِّي الظهر، ولو كان الرمي جائزاً قبل الزوال لفعله - صلى الله عليه وسلم - ولو مرة واحدة بياناً للجواز، أو فعله بعض الصحابة، وأقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

حتى في اليوم الثالث عشر يوم النفر لم يرمِ إلا بعد الزوال، وهو يريد أن يصلّي بالمحصب ((الأبطح)) صلاة الظهر، وهذا يدل دلالة قاطعة أنه لو كان جائزاً لعجّل الرمي قبل الزوال، والله تعالى المستعان.

الدليل الثاني عشر: عمل جميع الصحابة بلا استثناء في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد مماته، فكلّهم يرمون في حجهم في أيام التشريق بعد الزوال، وقد حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة خلق كثير، بلغ عددهم كما ذكر العلماء: مائة وثلاثين ألفاً (٤).

وقد بيّن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حجة الوداع، أن


(١) متفق عليه، البخاري، مواقيت الصلاة، بَاب الإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، برقم ٥٠٢، مسلم، المساجد ومواضع الصلاة، بَاب اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي إِلَى جَمَاعَةٍ وَيَنَالُهُ الْحَرُّ فِي طَرِيقِهِ، برقم ١٤٣٠.
(٢) الشرح الممتع، لابن عثيمين، ٧/ ٣٨٤.
(٣) المرجع السابق، ٧/ ٣٨٥.
(٤) انظر: فتح الملك المعبود في شرح سنن أبي داود، ٢/ ١٠٥.

<<  <   >  >>