للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و ((ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)) (١).

وقد كان يقول: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به)) (٢).

ومعلوم يقيناً أن الحرّ كان شديداً جداً في عام حجة الوداع حتى في وقت الضُّحى بعد ارتفاع الشمس، والدليل على ذلك حديث أم الحصين رضي الله عنها، قالت: ((حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة: أحدهما يقود راحلته والآخر رافعٌ ثوبه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشمس ... )) وفي لفظ: (( ... والآخر رافع ثوبه يستره من الحرِّ حتى رمى جمرة العقبة)) (٣)، وحديث جابر - رضي الله عنه -،وفيه: ((أنه - صلى الله عليه وسلم - نزل في القبة التي ضُرِبَتْ له بِنَمِرة حتى زالت الشمس ... )) (٤).

وهذا يدل على شدّة الحرِّ في أول النهار، ومعلوم عند جميع الناس أن وقت زوال الشمس وبعده بقليل يكون أشدَّ حرّاً من أول النهار، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحكمة من النهي عن الصلاة حتى تزول الشمس هو: أن جهنم حينئذٍ تُسْجَرُ (٥)، وبعد الزوال يكون الحرُّ في الغالب قد اشتدَّ


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله، برقم٦٤٠٤، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في التجاوز في الأمر، برقم ٢٣٢٧.
(٢) مسلم، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، برقم ١٨٢٨.
(٣) مسلم برقم، ١٢٩٨، وتقدم تخريجه في محظورات الإحرام.
(٤) مسلم، برقم ١٢١٨، وتقدم تخريجه
(٥) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، بَاب إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، برقم ٨٣٢.

<<  <   >  >>