بدايةٍ ونهايةٍ، والدكتور سعيد في هذه الرسالة قد أحسن في تَقَيُّدِهِ بفهم الصحابة - رضي الله عنهم - في ابتداء الرمي يوم النحر، وأيام التشريق، وفي أمر انتهائه ...
إن من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحج بالمسلمين سوى حجة الوداع، وفي حجة الوداع أُخِذَتْ عنه أعمال الحج، وقد أفهم أصحابه بأن يأخذوا عنه؛ فأخذوا، ثم بلَّغوا الناس ما أخذوه حتى صار الواحد من الناس عندما يقرأ ما نُقِلَ عن الصحابة من فعلهم، أو إخبارهم بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو ما نقلوه من أقواله عليه أفضل الصلاة والتسليم كأنما يُشاهد أو يَسمع أقوال سيد البشر، وأقوال خير الناس بعده.
إنّ على المسلم أن يَتعرَّف أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جميع أمور التشريع فيما بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الله، وما بينه وبين عباد الله، وأن يحسن التقيّد بها.
وما التبس عليه أمره يسأل أهل العلم، وعليه أن يحسن اختيار من يسألهم، وأن يحرص على قراءة ما كُتِبَ من السابقين؛ ليستعين بذلك على فهم ما يقرؤه، لا على أن يجد أقوالاً عن من يدعو إلى التسهيل؛ فإن التسهيل المعتبر هو ما وافق الكتاب والسنة، ولم يخرج عن فهم الصحابة - رضي الله عنهم - والعلماء الراسخين من سلف هذه الأمة، وقد كثر المتحدثون عن التسهيل، ولو لم يكن عن دليلٍ صريحٍ؛ ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((يسروا ولا تعسروا))؛ وأمرنا - صلى الله عليه وسلم - بالتيسير، ونهانا عن التعسير، وأخبرنا أننا إنّما بُعثنا مُيسّرين، ولم نُبْعَث معسّرين،، لكن ذلك كله في حدود ما دلّ عليه الكتاب والسنة؛ فإن الدين كَمُلَ في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يبق مجال لتوسعةٍ إلا في حدود ما جاء عن الله ورسوله، وما سوى ذلك فمردود على من قال به؛ لحديث عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا المخرج في الصحيح: