للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّه يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شرٍّ وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابة - رضي الله عنهم - رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: ((لا، ما أقاموا الصلاة)) (١)، وقال: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، [ولا ينزعنّ يداً من طاعة])) (٢)، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر؛ فطلب إزالته، فتولَّد منه ما هو أكبر منه وأنكر؛ ولهذا كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يترك بعض الأمور المختارة، ويصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم؛ ولهذا لما فتح اللَّه مكة وصارت دار إسلام عزم على نقض بناء البيت وردِّهِ على قواعد إبراهيم، ولكن منعه من ذلك – مع قدرته عليه – خشية وقوع ما هو أعظم منه، من عدم احتمال قريش لذلك؛ لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر، ولهذا لم يأذن في قتل عبد اللَّه بن أُبيّ، ولم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد، لما يترتب على


(١) مسلم، كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، ٣/ ١٤٨٢، (رقم ١٨٥٥)، وأحمد بلفظه، ٣/ ٢٨ - ٢٩.
(٢) مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، ٣/ ١٤٧٧، (رقم ١٨٤٩)، وباب خيار الأئمة وشرارهم، ٣/ ١٤٨٢، (رقم ١٨٥٥)، واللفظ من الموضعين.

<<  <   >  >>