[المبحث الرابع: الدعوة بالقوة الفعلية مع عصاة المسلمين]
[المطلب الأول: أسباب استخدام القوة مع عصاة المسلمين]
كما أنّ من الحكمة في الدعوة إلى اللَّه استخدام القوة مع الكفار عند الحاجة إليها، فكذلك تستخدم مع من يحتاجها من المسلمين الذين لم ينتفعوا بالمواعظ من الترغيب والترهيب، ولم يستفيدوا من حكمة القول التصويرية: من ضرب الأمثال، ولفت الأنظار إلى الصورة المعنوية كصفات المؤمنين وآثارها، ولفت الأنظار والقلوب إلى الآثار المحسوسة، كالأمر بالسير في الأرض، والنظر فيما حلّ بالمكذبين من الدَّمار والهلاك.
فإذا لم يؤثّر ما تقدَّم في عُصاة المؤمنين فإن استخدام القوة حينئذٍ من الحكمة، لأن القوة كالعمليّة الجراحية للمريض إذا لم ينفع في علاج مرضه غيرها، فتستخدم عند الحاجة إليها بشرط الالتزام بالشروط والضَّوابط الشرعيَّة.
واستخدام القوة في هذه المرحلة يتنوع ويختلف باختلاف الداعية والمدعو، والأحوال والأزمان والأماكن، وإمكانية استخدام القوة مع أمن الوقوع في المفاسد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته الدعوة إلى اللَّه - تعالى - وإيجاب إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه اللَّه ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى اللَّه ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان