للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس عشر: يغفر اللَّه لمن يشاء مادون الشرك:

١ - قال اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (١).

«يخبر تعالى: أنه لا يغفر لمن أشرك به أحداً من المخلوقين، ويغفر ما دون الشرك من الذنوب صغائرها وكبائرها، وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك، إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه.

فالذنوب التي دون الشرك قد جعل اللَّه لمغفرتها أسباباً كثيرة، كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة في الدنيا، والبرزخ ويوم القيامة، وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وبشفاعة الشافعين، ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد.

وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد، ولا تفيده المصائب شيئاً، وما لهم يوم القيامة {مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} (٢).

ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} أي افترى جرماً كبيراً، وأي ظلم أعظم ممن سوّى المخلوق - من تراب الناقص من جميع الوجوه، الفقير بذاته من كل وجه، الذي لا


(١) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٢) سورة الشعراء، الآية: ١٠١.

<<  <   >  >>