للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأ بأهله، وتقدم إليهم بالوعظ لهم، والوعيد على خلافهم أمره، فعن سالم بن عبد اللَّه بن عمر قال:)) كان عمر إذا صعد المنبر فنهى الناس عن شيء جمع أهله، فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأقسم باللَّه لا أجد أحداً منكم فعله إلا أضعفت عليه العقوبة (((١).

وهذا من أعظم مواقف الحكمة؛ لأن الناس ينظرون إلى الداعية ومدى تطبيقه العملي والقولي لما يدعو إليه، كما ينظرون إلى تطبيقه ذلك على أهله ومن تحت يده.

المطلب الرابع: موقفه الحكيم في دعوته بتواضعه للَّه تعالى

كان عمر - رضي اللَّه عنه وأرضاه - مع قوته في دين اللَّه، وشجاعته، وشدته على أعداء اللَّه، وهيبة الناس له، وفرار الشيطان منه، كان مع ذلك كله متواضعاً، وقَّافاً عند حدود اللَّه، وقد كان يقول: أحبّ الناس إليّ من أهدى إليّ عيوبي (٢). ومن ذلك ما يلي:

(أ) عندما مر بالجابية على طريق إيلياء وجلس عندهم، قيل له: أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا تصلح بها الإبل، فلو لبست شيئاً


(١) انظر: تاريخ الأمم والملوك للإمام الطبري، ٢/ ٦٨، والكامل في التاريخ لابن الأثير، ٣/ ٣١، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٣/ ٤٠٤، وأعلام المسلمين للبيطار، ٢/ ٥٤.
(٢) انظر: مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي، ص١٥٤، وأعلام المسلمين لخالد البيطار، ص٥٩.

<<  <   >  >>