بزوجك إن شئت، قالت: وردّ بنو عبد الأسد عند ذلك ابني فارتحلت ببعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق اللَّه ... )) (١).
اللَّه أكبر ما أعظم هذا الموقف! وما أحكمه! فقد ترك أبو سلمة زوجته وابنه، وماله، وهاجر بنفسه تاركاً نصفه وراءه من أجل دينه ويتجاذب بنو عبد الأسد وبنو المغيرة ابن أم سلمة، ويخلعوا يده وهي تنظر، وتحبس من أجل دينها، وتبكي كل يوم في الأبطح سنة أو قريباً منها، إنه موقف عظيم وبلاء كبير أسفر عن قوة الإيمان والصدق مع اللَّه، فنسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة، ورضي اللَّه عن أبي سلمة وزوجته وأرضاهما، فقد جاهدا في اللَّه، وأُوذيا في اللَّه، وصبرا في اللَّه، واللَّه المستعان.
٥ – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد اللَّه بن حذافة بن قيس - رضي الله عنه - عندما حاول ملك الروم أن يصدّه عن دينه – يرى الموقف الحكيم، والرجل العظيم!
وجَّه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جيشاً إلى الروم، فأسروا عبد اللَّه بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد. فقال: هل لك أن تتنصَّر وأُعطيك نصف ملكي؟ قال: لو أعطيتني
(١) انظر: سيرة ابن هشام، ٢/ ٧٧، والبداية والنهاية، ٣/ ١٦٩، والرحيق المختوم، ص١٥٠، وهذا الحبيب يا محبّ، ص١٥١.