تؤمنوا باللَّه ورسوله. قالوا: فواللَّه ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة.
ورجع مصعب إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية، وخطمة، ووائل، وواقف، وهم من الأوس بن حارثة، فإنهم أطاعوا أبا قيس الشاعر، وهو ابن السلت، واسمه صيفي، فوقف بهم عن الإسلام حتى كان بعد الخندق (١).
وهذه الاستجابة العظيمة بفضل اللَّه، ثم بفضل مصعب بن عمير - رضي الله عنه -، فقد ضُرِبَ به المثل في حكمته وحُسن دعوته وصبره وحلمه ورفقه وأناته عند سماع التهديد من قبل أسيد وسعد - رضي الله عنهم -، فأثر هذا الموقف الحكيم عليهما وأسلما، وأسلم - بفضل اللَّه ثم بإسلامهما - هذا الجمع الغفير في يوم واحد، فرضي اللَّه عن مصعب، ورضي اللَّه عن صاحبه أسعد، فقد أنقذ اللَّه بهما مدينة كاملة، وللَّه الحمد والمنة.
[المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد]
بعث بنو سعد ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقدم
(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ٣/ ١٥٢، وسيرة ابن هشام، ٢/ ٤٣، والرحيق المختوم، ص١٤٠، وهذا الحبيب يا محبّ، ص١٤٥، وانظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٣/ ٤٢١، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ١/ ١٤٥، وحياة الصحابة للعلامة الكاندهلوي، ١/ ١٨٧ - ١٨٩.