للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعاك)) (١). ولم يقتصر الأمر على الرجال، بل للنساء مواقف حكيمة.

٨ - ومن ذلك ما فعلته رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة، أم المؤمنين - رضي الله عنها -، وذلك أن أباها قدم من مكة إلى المدينة يريد أن يزيد في الهدنة بينه وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلما دخل على بنته أم حبيبة - رضي الله عنها - وذهب ليجلس على فراش رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه، فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: واللَّه لقد أصابك يا بنية بعدي شر (٢).

قلت: واللَّه لم يصبها إلا قوة الإيمان ومحبة اللَّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقدَّمت محبة اللَّه ورسوله على محبة والدها المشرك ولم ترضَ أن يجلس المشرك على فراش رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فرضي اللَّه عن أم المؤمنين، فإنها لم تأخذها في اللَّه لومة لائم، وهذا من أعظم الحكم.

والصحابة - رضي اللَّه عنهم جميعاً - رجالاً ونساءً، كانت أعمالهم وحياتهم، ومماتهم للَّه لا يريدون ولا يرغبون إلا ما يرضيه


(١) الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، ٥/ ٦٤٩ (رقم ٣٧٥١)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ٣/ ٤٩٨، وسنده صحيح. انظر: سير أعلام النبلاء، ١/ ١١١.
(٢) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٤/ ٣٠٦، وعزاه بإسناده إلى ابن سعد. وانظر أيضاً: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٣/ ١٣٥.

<<  <   >  >>