للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: قيل: نعم. فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم (١) منه إلا وهو ينكص على عقبيه (٢)، ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار، وهولاً، وأجنحة، فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً)). قال: فأنزل اللَّه - عز وجل -: {كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} إلى آخر السورة (٣).

وقد عصم اللَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا الطاغية ومن غيره، وصبر على هذا الأذى العظيم ابتغاء وجه اللَّه - تعالى -، فضحى بنفسه وماله ووقته في سبيل اللَّه تعالى.

٤ - ومما أُصيب به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الأذى بتحريض هذا الطاغية ما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: بينما رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا (٤) جزور بني فلان، فيأخذه فيضعه


(١) ويقال أيضاً: فجأهم، أي بغتهم. انظر: شرح النووي، ١٧/ ١٤٠.
(٢) يرجع يمشي إلى ورائه. انظر: المرجع السابق ١٧/ ١٤٠.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب المنافقين، باب قوله تعالى: {كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} ٤/ ٢١٥٤، (رقم ٢٧٩٧)، وانظر: شرح النووي، ١٧/ ١٤٠.
(٤) السلا: هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة. انظر: شرح النووي، ١٢/ ١٥١.

<<  <   >  >>