لقد قام النبي - صلى الله عليه وسلم - بحل هذه المشكلات كلها، بحكمته العظيمة، وحسن سياسته، وكان حله وإصلاحه لهذه الأوضاع، وجمعه لشمل المسلمين كالآتي:
[١ - بناء المسجد والاجتماع فيه أول عمل وحد بين القلوب:]
كان أول عمل قام به - صلى الله عليه وسلم - في الإصلاح والتأسيس بناء المسجد النبوي، واشترك المسلمون جميعاً في البناء، وعلى رأسهم إمامهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكان أول عمل تعاوني عام، وحد بين القلوب، وأظهر الهدف العام للعمل، وقد كان لكل حي في المدينة - قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكان يلتقون فيه، فيسمرون ويسهرون، وينشدون الأشعار، فكانت هذه الحال تدل على التفرقة والاختلاف، فعندما بُنيَ المسجد كان مرتكز المسلمين جميعاً، ومكان تجمعهم، يلتقون فيه في كل وقت، ويسألون رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فيعلمهم ويرشدهم ويوجههم (١).
وبهذا تجمعت الأندية، والتفَّت الأحياء، واقتربت القبائل، وتحابَّت البطون، وانقلبت التفرقة إلى وحدة، ولم تعد في المدينة جماعات، بل جماعة واحدة، ولم تعد زعامات، بل قائد واحد، هو
(١) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ٧/ ٢٣٩، ٢٤٠، (رقم ٣٩٠٦).