للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مواقفه الحكيمة العظيمة في ذلك ما فعله - صلى الله عليه وسلم - مع المرأة المشركة صاحبة المزادتين، فإنه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أسقى أصحابه من مزادتيها، ورجعت المزادتان أشد ملاءةً منها حين ابتدأ فيها قال لأصحابه: ((اجمعوا لها))، فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة - حتى جمعوا لها طعاماً كثيراً وجعلوه في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، فقال لها: ((اذهبي فأطعمي هذا عيالك، تعلمين واللَّه ما رزأناك (١) من مائك شيئاً، ولكن اللَّه هو الذي أسقانا)).

وفي القصة أنها رجعت إلى قومها فقالت: لقيت أسحر الناس، أو هو نبي كما زعموا، فهدى اللَّه ذلك الصرم (٢) بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا (٣).

وفي رواية: فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمداً، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام (٤).


(١) أي: لم ننقص من مائك شيئاً. انظر: فتح الباري، ١/ ٤٥٣.
(٢) الصرم: أبيات مجتمعة من الناس. انظر: فتح الباري، ١/ ٤٥٣.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، ٦/ ٥٨٠، (رقم ٣٥٧١)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، ١/ ٤٧٦، (رقم ٦٨٢).
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، ١/ ٤٤٨، (رقم ٣٤٤).

<<  <   >  >>