وأما حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فيرويه محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن ريسان، عن إسحاق بن محمد البيروني، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: قلت: يا رسول الله، أرسل وأتوكل؟ فقال: "قيد وتوكل". أخرجه الخطيب في رواة مالك -كما في كنز العمال (٣/ ١٠٣رقم ٥٦٨٩)، وكما في إتحاف السادة المتقين (٩/ ٥٠٧) -. وابن عساكر -كما في تهذيب تاريخه (٢/ ٤٥٤) - و -كما في المصدرين السابقين-، وانظر تخريج أحاديث مشكلة الفقر للألباني (ص ٢٤). وهذا الحديث ضعيف جداً لا يصلح للاستشهاد به، ففي سنده محمد بن عبد الرحمن بن مجبر بن ريسان، قال عنه ابن عدي: روى عن الثقات بالمناكير (كذا!)، وعن أبيه، عن مالك بالبواطيل (كذا أيضاً!). وقال ابن يونس: ليس بثقة، متروك الحديث، غير مأمون. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال الخطيب: كذاب، وكذا قال مسلمة بن قاسم في الصلة./ الكامل لابن عدي (٦/ ٢٢٩٠)، والميزان (٣/ ٦٢١ رقم٧٨٤٠)، واللسان (٥/ ٢٤٦ رقم ٨٥٢). وأما مرسل ابن أبي ليلى فأخرجه علي بن الجعد في مسنده (٢/ ٨٨١ رقم ٢٤٧٧)، من طريق شريك، عن هلال الوزان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أترك ناقتي أو بعيري وأتوكل، أو أعقله وأتوكل؟ قال: "بل أعقله وتوكل". وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، ولسوء حفظ شريك القاضي -كما تقدم في الحديث (٤٩٧) -. وعليه فالحديث بهذه الشواهد -عدا حديث ابن عمر- يرتقي لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم.