إن شخصية الذهبي العلمية فرضت محبته وتقديره على كل منتسب للعلم وأهله، حتى وإن لم يكن على وفاق معه في المعتقد، ولذا نجد من يطريه بألفاظ من المديح يخشى عليه من مجاوزة الحدّ فيها، ومع ذلك يحمل راية الحطّ عليه؛ لأجل اعتقاده، كتلميذه تاج الدين السبكي كما سيأتي.
والعمدة في ذلك على جمهور العلماء، فإن ثناءهم على الذهبي لا يكاد يحصر، ويكفيه فخراً أن الحافظ ابن حجر قال:"شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ"(١).
وقد أثنى عليه جملة من العلماء، منهم تلاميذه: ابن شاكر الكتبي، والصفدي، والحسيني، والتاج السبكي وابن كثير، وابن الموصلي الطرابلسي، والبدر النابلسي، ومنهم الأسنوي، وابن الجزري، وابن ناصر الدين، وابن قاضي شهبة، وابن تغري بردي، والسيوطي، وابن طولون، والشوكاني.
أما الكتبي، والصفدي فعبارتهم واحدة، والظاهر أن أحدهما أخذ من الآخر، وكلام الصفدي أتم، حيث يقول: "الشيخ الإِمام العلّامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارى، ولافظ لا يُبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإِبهام في تواريخهم والِإلباس، ذهن يتوقَّد ذكاؤه، ويصحّ إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجمّ الغفير، وأكثر من التصنيف، ووفّر مؤنة التطويل في التأليف ... ، اجتمعت به، وأخذت عنه، وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه في ولم أجد عنده جمود المحدّثين، ولا كودنة النقلة، بل هو فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب القالات، وأعجبني منه