فإنني أرى من المفيد أن أتحدث في هذه المقالة عن مشكلة الأفكار، التي أثارتها هذه الندوة.
ولنقرأ أولا هذا المقطع من الخطاب:
"إن مجتمعنا هو كبقية المجتمعات الاشتراكية الأخرى يشكو من الانفصال بين الفكر والسياسة، وهذا يمنح الحوار المثمر والإصلاح عبر المناقشات الحية.
من هنا جاء ذلك الخوف التقليدي المتبادل، بين المفكر ورجل السياسة".
عبر صراحة تشرف قائلها، فمن الواضح أن الرئيس بومدين قد أراد أن يبرز نقصا باديا، وبالخصوص في الجانب السياسي. ولكن ينبغي أن نعترف أن الدكتور خالدي في كالمته الموجزة، قد وضع في الكفة الأخرى من الميزان الوزن المناسب، حينما تحدث عن (حركي القلم).
هكذا تكون القضية، قد استقامت لنا في خطورة أبعادها. وينبغي أن نعطيها ما تستحق من أهمية من وجهة نظر اجتماعية.
إن الماركسية التي ادعت بأنها قد تبعت خطى المنهج الهيجلي، قد ورثت من هذا المنهج آلية الجدلية الرائعة. وبالخصوص ذلك المبدأ الذي من حقه أن يفاخر به إذ يقول: هناك مستقبل فلسفي للعالم ومستقبل لعالم الفلسفة.
فهذا المبدأ إذن، قد وضع بين الأفكار المنظمة منهجا فلسفيا، وبين الأحداث الاجتماعية رابطا محددا ومتبادلا.
وهذا يعني أن الترابط المستمر، والتلاحم المؤثر بين المعنيين الفلسفة (الأفكار)، والعالم (بقدر ما يمثل الواقع الاجتماعي) هو أمر ضروري في كل لحظة، وهذا التزاوج هو نفسه مقياس مستوى حضارة ما.