للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اللغة والثقافة (*)

منذ عدة أيام، كنت في أحد مكاتب البريد، أتحدث إلى الموظف، الجالس وراء النافذة، باللغة العربية. وكان في كل مرة (يجيبني) باللغة الفرنسية. لن أقول هنا كل انطباعاتي حول هذا الحوار أمام نافذة في إدارة رسمية. إذ يمكن أن نوجزها في كلمة احدة: "أتمنى على الإدارة الجزائرية أن تعتني اعتناء أكثر بالعلاقات العامة لديها".

هذا التمني لا يقتصر على الموظف البسيط القابع وراء نافذته، بل يتعدى ذلك إلى الموظف المحترم الجالس وراء مكتبه الوقور.

وما أريد أن أقوله هنا إن هذا الحوار من وراء نافذة قد أدى بي إلى كتابة هذا المقال.

ولا يتعلق الأمر هنا بخلل في طريقة التعامل. فقد بدا لي الأمر أشد شذوذا لأن هذا الرجل الذي كان يصم أذني من وراء نافذته بفرنسيته الركيكة، كان قد توجه بالحديث لتوه إلى أحد زملائه ببضع كلمات عربية سليمة.

ومما جعل هذا التصرف أشد استهجانا في نظري، أنه يجسد نوعا من التنافر المتعمد في الوسط الذي أوجده مرسوم إدخال اللغة العربية في الوظائف الرسمية.

ولا بد من أن نضيف، أن الرئيس بومدين، يعطي في خطاباته المثل الحي، على الالتزام بالتعريب الحكومي.

ولنضف أيضا لأولئك الذين في نظرهم أن الحقيقة تأتي دائما من وراء حدودنا، بأن المثل يؤخذ من الفيتنام.


(*) « Laugue et Culture» , Révolution africcaine, no, ٢٧٣, du gaun ١٨ mai ١٩٦٨.

<<  <   >  >>