كل ردات فعله الدفينة، وكل الكلمات التي يمسكها على شفتيه- وهو يزدرد ريقه- موجهة ضد النظام وضد الدولة.
فهو، لا يستطيع أن يقوم بالتمييز بين الميكروب الحاد والميكروب الخامل.
والمسألة لا تلامس حتى ذهنه. لذلك، لابد للعلاج الاجماعي من أن يكون شاملا، لأن عليه أن يجابه فعلا مرضا شاملا، أي أوضاعا تؤدي فيها أسباب مرضية مختلفة إلى النتائج ذاتها.
وعلى المعالج الاجتماعي أن يتبنى تجاه الأخطار التي تهدد المجتمع موقفا عمليا يحكم على الأسباب من خلال نتائجها، وعلى الشجرة من خلال ثمارها.
زد على ذلك، أنه يجب على المعالجة الاجماعية، في نقطة محددة، أن تستوحي خبرتها العلمية من المعالجة الطبية.
ففي الطب، عندنا يكتشف في الكلية ميكروب ما لا يطرد منها ليوضع في الرئة.
فالطب يعمل على طرد الميكروب من الجسم كله. والعمل بغير ذلك تجاه الميكروبات يعد ضربا من الهرطقة، ولا نقول من الغباء التام.
ومن المؤكد أن يكون الميكروب في الإطار الاجتماعي رجلا يخالف قاعدة، أو واجبا، ولكنه رغم كل هذا كائن بشري.
ولا يمكن أن نخضعه ببساطة لمفعول مضاد الحيويات.
عندها تجد المعالجة الاجتماعية نفسها بين حدين، أو بين شرطين: يترتب عليها، من جهة، أن تطرد الميكروب من الجسد الاجماعي، ومن جهة أخرى، أن تبقي في الإنسان ما بقي فيه من إنسانية.