للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تضمن له العصمة، فهي قابلة للخطأ والصواب، فلا ينبغي أن تكون حاكمة على السنة، بل يجب أن تكون السُّنة حاكمة عليها، وعليه فإذا جاء الحديث من وجه آخر بشاهد، أو متابع، فهذا الذي عليه المعوَّل، وأما رد الأحاديث بقواعد حسابية! فهذا شأن بعض أهل الرواية، وليس شأن أهل المعرفة بالمعاني.

ثم إن الحافظ ابن حجر -نفسه- صحَّح إسناد الحديث، لعلمه بمتابعاته، وبعدم تدليس ابن جريج فيه، وهذا هو الفرقُ بين الحُفَّاظ والذين قضوا عمرهم في هذا الميدان، وبين المنتحلين لهذا العلم!

على أن ابن جريج توبع، قال الحافظ: "وأخرج ابن قانع من طريق عمر بن نافع، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال نعيم بن النحام -وكان من بني عدي ابن كعب-: "سمعتُ منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - في غداة باردة وأنا مضطجع، فقلت: ليته قال: ومن قعد فلا حرج. قال: فقال: ومن قعد فلا حرج" (١).

ثم وجدت ابن جريج صرَّح بالتحديث، قال الضحاك بن مخلد: حدثنا الحسن بن علي ثنا عبد الرزاق، ثنا ابن جريج، أخبرني نافع مولى ابن عمر، عن عبد الله بن نعيم بن النحام رضي الله عنه قال: "أذن موذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فيها برد ومطر، وأنا تحت لحافي، فتمنيت أن يلقي الله تعالى على لسانه: ولا حرج، فلما فرغ قال: ولا حرج" (٢). فهذا دليل بيِّن على ما ذكرته آنفًا.

قال المستدرِك: "تنبيه: نقل الشيخ الألباني أن الحافظ ذكر أن الحديث رواه عبد الرزاق بسند صحيح، وقد وجدته عند عبد الرزاق في الموضعين المذكورين في التخريج، وسبق بيان ضعفهما".

* قلت: وفيه من الفوائد: أنه لا ينبغي التعجل بتخطئة الكبار من أهل


(١) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة: (٦/ ٤٥٩).
(٢) انظر: "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (٢/ ٦٧).

<<  <   >  >>