الأئمة، فعسى أن لا يرى إجماعًا على تركه بل يرى كثرة فيمن عدله، فليتق الله الجارح، وليستبرئ لدينه، والله الموفق (١).
- طبقات المحدِّثين وطريقتهم في الجرح والتعديل:
"فقسم تكلموا في سائر الرواة: كابن معين وأبي حاتم.
وقسم تكلموا في كثير من الرواة: كمالك وشعبة.
وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل: كابن عيينه، والشافعي، والكل على ثلاثة أقسام أيضًا:
قسم منهم متعنِّتٌ في الجرح، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، فهذا إذا وثَّق شخصًا فعض على قوله بنواجذك، وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعَّف رجلاً؛ فانظر: هل وافقه غيره على تضعيفه؟ فإن وافقه ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق؛ فهو ضعيف. وإن وثَّقه أحد؛ فهذا هو الذي قالوا فيه لا يقبل فيه الجرح إلا مفسَّرًا، يعني: لا يكفي فيه قول ابن معين -مثلاً-: ضعيف، ولم يبين سبب ضعفه، ثم يجيء البخاري وغيره يوثقه.
ومثل هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه.
ومن ثم قال الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال-: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف، ولا على تضعيف ثقة، ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.
وقسم منهم: متسامح؛ كالترمذي، والحاكم.
قلت: وكابن حزم؛ فإنه قال في كل من أبي عيسى الترمذي، وأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبي العباس الأصم وغيرهم من المشهورين: إنه مجهول!