للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّحَابِيِّ في هذه الْوَاقِعَة شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَذَكَرَهُ. قَوْلُ من لم يَعْرِفْ سِيرَةَ الْقَوْمِ وَأَحْوَالَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَهَابُونَ الرِّوَايَةَ عن رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ويُعظِّمُونها، وَيُقَلِّلونَهَا خَوْفَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَيُحَدِّثُونَ بِالشَّيءِ الذي سَمِعُوه من النبي - صلى الله عليه وسلم مِرَارًا، وَلا يُصرِّحُونَ بِالسَّمَاعِ، وَلا يَقُولُونَ قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم".

وعليه؛ فكلا الأمرين ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فربما صلى الظهر وارتحل، وربما قدم العصر مع الظهر فجمع بينهما ثم ارتحل.

قال أبو بكر ابن المنذر: "اسم الجمع بين الصلاتين يقع على من جمع بينهما في وقت إحداهما، وعلى من جمع بينهما، فصلى الظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها إن أمكن ذلك، غير أنك إذا تدبرت الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمتَ أنها دالَّة على إباحة الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، مع أن الجمع بين الصلاتين إنما رُخِّصَ فيه للمسافر تخفيفًا عليه، ولو كان المسافر كلف إذا أراد الجمع بين الصلاتين أن يصلي الأولى من الصلاتين في آخر وقتها، والأخرى في أول وقتها، لكان ذلك إلى التشديد على المسافر والتغليظ عليه أقرب" (١).

والحديث أفتى به الإمام أحمد: ففي "مسائل الإمام أحمد وابن راهويه": "قُلْتُ: هل يجمع بين الصلاتين في السفر والحضر وكيف يجمج بينهما؟ قَالَ: وجه الجمع أن يُؤخر الظهرَ حتَّى يدخلَ وقتُ العصرِ، ثم ينزل فيجمع بينهما، ويؤخر المغربَ كذلك، وإن قَدَّم، فأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ. قَالَ إسحاق: كما قَالَ بلا رجاء".

وهذا يدل على تصحيح إسحاق للحديث، فالأمر كما قال أبو عبد الرحمن -على الجميع رحمة الله-.


(١) انظر: الأوسط: (٢/ ٤٢٨).

<<  <   >  >>