فلتكن أولا الكبرى هي الممكنة والصغرى هي المطلقة ولتكونا كليتين، فأقول أنها تنتج نتيجة ممكنة. مثال ذلك أن يكون كل جَ هو بَ بالفعل وكل ما هو بَ فهو اَ بإمكان هذا ينتج أن كل جَ هو اَ بإمكان. وذلك أن معنى قولنا كل ما هو بَ فهو اَ بإمكان أي كل ما هو بَ بالقوة أو بالفعل فهو اَ بإمكان، وذلك أن هذا هو شرط المقول على الكل المأخوذ في المقدمة الكبرى الممكنة بخلاف شرط المقول على الكل المأخوذ في الكبرى الوجودية أو الاضطرارية وذلك أنه متى قلنا إن كل بَ هو اَ بالفعل أو بالضرورة فهو بين أن في كثير من المواد إنما تصدق هذه المقدمات على كل ما هو بالفعل فقط- مثل قولنا كل إنسان يمشي وكل إنسان ناطق، فإن هاتين المقدمتين إنما تصدقان على ما هو إنسان بالفعل لا على ما هو إنسان بالقوة- وفي كثير منها يصدق على الأمرين جميعا- أعني على كل ما هو بالقوة وما هو بالفعل- وبخاصة الضرورية- مثل قولنا كل متحرك جسم، فإنه يصدق على المتحرك بالفعل والمتحرك بالقوة. فإذا كان الأمر كذلك فالعام في كل مادة في هاتين المقدمتين- أعني الضرورية والمطلقة- إنما هو أن يكون المحمول موجودا لما هو بالفعل الحد الأوسط- أعني أن تكون اَ موجودة بالضرورة أو بالفعل لكل ما هو بَ بالفعل. فإذن ليس في هذا التأليف مقول على الكل لأن المقول على الكل هو الذي يوجد دائما في كل مادة من التأليف الواحد بعينه، فقول أبي نصر إنه قد يوجد في هذا التأليف مقول على الكل لا معنى له. ولذلك ما يقول أرسطو في هذا الاختلاط أنه متى كانت الكبرى مطلقة والصغرى ممكنة إن القياسات تكون غير تامة، لأن الصغرى إذا كانت ممكنة والكبرى مطلقة أو ضرورية لم يتضمنها شرط المقول على الكل العام في كل مادة فوجب أن يتجنب ما ينتج بحسب بعض المواد كما يتجنب إنتاج الموجبتين في الشكل الثاني وإن كانت قد تنتج في بعض المواد. وأما المقدمة الممكنة الكبرى فالأمر فيها بخلاف ذلك- أعني أنه في كل مادة يصدق فيها أن اَ مقولة بإمكان على كل ما هو بَ بالقوة أو بالفعل. وذلك أن قولنا كل ما هو إنسان فهو ممكن أن يمشي يصدق على ما هو إنسان بالقوة وإنسان بالفعل. وكذلك الأمر في سائر المواد. وهذا أمر ظاهر بنفسه من استقراء المواد. ولا أدري كيف خفي هذا على المفسرين، والأمر في ذلك في غاية البيان. وإذ تقرر هذا فنقول إنه متى كان وعلى قولنا أن كل بَ هو اَ بإمكان- أي أن كل ما هو بَ بالفعل أو بالقوة أن اَ محمولة عليه بإمكان- ثم وضعنا أن جَ هو بَ بالفعل، فظاهر أن اَ تكون مقولة على جَ بإمكان. وكذلك يبين الأمر متى كانت الكلية الممكنة الكبرى سالبة والصغرى المطلقة موجبة كلية أن النتيجة تكون سالبة ممكنة من معنى المقول على الكل بعينه المشترط في المقدمة الكبرى السالبة الممكنة. وذلك أن معنى قولنا أنه ولا شيء من بَ هو اَ بإمكان أي ولا شيء مما هو بَ بالقوة كان أو بالفعل هو اَ بإمكان- ثم نضع أن جَ هي بَ بالفعل، فيجب أن يكون جَ ليس شيئا من اَ بإمكان.
وأما إذا كانت الكبرى هي المطلقة والصغرى هي الممكنة، فإنه لا يكون قياس تام لأن شرط الحمل المطلق الصادق في كل مادة- كما قلنا- هو أن يكون على أشياء موجودة بالفعل لا بالقوة. فمتى وضعنا أن كل بَ هو اَ بالفعل- أي كل ما هو بَ بالفعل فهو اَ بالفعل- وأضفنا إلى ذلك أ، جَ هو بَ بالإمكان، فبين أن جَ ليست داخلة تحت شرط المقول على الكل وأن هذا النوع من المقاييس غير بين الإنتاج بنفسه- أني من المقدمات أنفسها- بل من شيء آخر ولكن هو مأخوذ من المقدمات الموضوعية فيه. وهذا هو شرط القياسات الغير كاملة.