للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هذا أصلا ثانيا من المقول على الكل غير الأصل الذي استعمل في أول هذا الكتاب كما نجد أبا نصر يومئ إلى ذلك. وذلك أنه يقول إن هذا الأصل مناقض لذلك الأصل الأول وإنه إذا استعمل هذا الأصل وجد الغير منتج بحسب ذلك الأصل منتجا بحسب هذا الأصل، وذلك أن هذا الأصل هو أن نضع مثلا أن اَ موجودة لكل ما سلب عنه بَ وأن اَ مسلوبة عن كل ما يسلب عنه بَ بخلاف ما وضعنا في الأصل الأول- وهو أن تكون اَ موجودة أو مسلوبة عن كل ما هو بَ- وعلى هذا ينتج ما صغراه سالبة في الشكل الأول وينتج أيضا ما هو من سالبتين. وذلك أن الأصل الذي استعمل في هذا الكتاب ليس هو بالوضع، وإنما هو مفهوم المقدمة الكلية بعينها ودلالتها الطبيعية- أعني قولنا كل كذا هو كذا أو ليس كذا. وأما هذا الأصل الثاني فهو شيء لازم عن المقدمة الكلية السالبة، فلذلك ليس ينتفع به في الإنتاج من سالبتين- أعني إذا وضعت مقدمتين سالبتين- وإنما كان ينتفع به لو لزم عن قولنا اَ ولا في شيء من بَ أن تكون اَ موجودة في كل ما هو ليس بَ ولا بد، وذلك شيء غير لازم. كما أنه ليس يلزم أيضا هذا العكس الذي وضعه هاهنا- أعني أنه ليس يلزم في كل مادة إذا كانت اَ مسلوبة عن كل ما هو بَ أن تكون بَ موجودة لكل ما ليس هو اَ، فإن الأبيض مسلوب عن كل ما هو أسود وليس الأسود موجودا لكل ما هو ليس أبيض. وإنما يلزم هذا العكس في الأشياء المتقابلة التي ليس يخلو من أحدهما موجود من الموجودات. لكن إنما استعمل هذا العكس هنا أرسطو وإن كان جزئيا، كما استعمل عكس الموجبة الكلية كلية، فلذلك لم يخرج في هذا المعنى عن أصله. وذلك أن عكس اللازم هو بقوة عكس المقدمة، فكأنه لم يخرج عما أخذ في بيان الدور من أنه يكون بالنتيجة وعكس إحدى المقدمتين لأن قوة عكس اللازم قوة عكس المقدمة.

فهكذا يكون البيان بالدور في الأصناف القياسية الكلية من الشكل الأول.

وأما القياسات الجزئية التي في هذا الشكل فإنه ليس يمكن فيها أن يبرهن على طريق الدور المقدمة الكلية من النتيجة والمقدمة الجزئية، لأن القضية الكلية إنما تبين بمقدمات كلية لا جزئية. وأيضا فإنه لا يكون قياس من جزئيتين إذ كان البرهان بالدور من النتيجة وعكس إحدى المقدمتين. وأما المقدمة الصغرى فقد يمكن أن تبرهن على طريق الدور. فلتكن اَ موجودة في كل بَ وبَ موجودة في بعض جَ والنتيجة اَ موجودة في بعض جَ. فإذا أردنا أن نبرهن وجود بَ في بعض جَ على طريق الدور فإنا نأخذ اَ موجودة في بعض جَ- وهي النتيجة- وعكس المقدمة الكبرى الكلية- وهو قولنا بَ في كل اَ- فينتج لنا في الشكل الأول أن بَ في بعض جَ ويكون الحد الأوسط فيه اَ. وكذلك إذا كان القياس الجزئي سالبا فليس يمكن أن تبرهن المقدمة الكلية للعلة التي قلنا. وأما الجزئية فقد يمكن أن تبرهن على طريق الدور إذا فعلنا في المقدمة السالبة الكلية ما فعلنا في القياس السالب الكلي- أعني أن نبين أنه يلزم عن قولنا اَ ولا شيء من بَ أن تكون بَ موجودة لكل ما يسلب عنه اَ- فإذا أضفنا إلى هذه المقدمة- وهي أن اَ مسلوبة عن بعض جَ- أنتج لنا أن بَ موجودة لذلك البعض.

فهذا هو وجه البيان المستعمل بالدور في الشكل الأول.

الشكل الثاني

<<  <   >  >>