فقد تبين من هذا أنه قد يكون الموضوع متصلا بالمقدمات الوسط التي أنتجت النتيجة الكاذبة ولا يكون الكذب لازما عن الموضوع وعلى كم جهة يعرض ذلك. ولذلك ليس يكتفي في كون المحال لازما عن الأصل الموضوع بأن يكون مشاركا للمقدمات التي أنتجت المحال، بل وأن يكون مع هذا إذا رفع ارتفع الكذب، فإنه إذا اجتمع هذان الأمران للموضوع، علم أن الكذب لازم عنه- أعني أن يكون مشاركا للنتيجة الكاذبة وأن يكون إذا ارتفع ولم تخلفه مقدمة ثانية مشاركة له ارتفع الكذب- لأنه قد يمكن إذا ارتفع الأصل الموضوع وخلفته مقدمة ثانية مشاركة له أن ينتج ذلك الكذب بعينه، فإنه قد يمكن أن ينتج شيء واحد بأوساط مختلفة. وأما أن ينتج نتيجة واحدة بمقاييس مختلفة الحدود بأسرها فليس يمكن إلا أن يكون الاختلاف في الحدود الوسط فقط دون الأطراف. ولذلك ليس يمكن أن نقول إنه إذا ارتفع الأصل الموضوع وبقي المحال أن ذلك المحال قد يمكن أن يلزم عن ذلك الأصل الموضوع بمقاييس مباينة بجميع حدودها للقياس الذي أنتج المحال دون الموضوع. وإذا رفعنا الموضوع المشارك وبقي المحال فبين أنه يجب أن يكون في المقدمات الوسط بين المحال والموضوع مقدمة كاذبة، فإن النتيجة الكاذبة لا يمكن وجودها عن مقدمات صادقة على ما تبين. فإن كان القياس الذي أضيف الوضع إليه ورام السائل أن يبطل به الوضع قياسا بسيطا- أعني من مقدمتين فقط- فإن كون المحال لازما مع رفع الوضع يكون بينا بنفسه أو كونه لازما عن الأصل الموضوع. وأما إن كانت المقاييس التي تصل بين المحال أكثر من قياس واحد، فإن ذلك يكون غير بين لكن يعلم أنه قد انطوى في القياس كذب. فإذا حللت تلك المقاييس كلها إلى القياس الأول الذي تربت عنه وبينت نتيجته فإنه يظهر هنالك هل يوجد الكذب مع ارتفاع الوضع أو لا يوجد. والمقاييس التي بهذه الصفة- أعني المركبة- هي التي تؤلف أولا عن مقدمتين إحداهما صادقة والأخرى مشكوك فيها، ولكن تكون النتيجة غير بين فيها أنها كذب. فإذا أضيفت إليها مقدمة صادقة ربما كانت النتيجة الحاصلة أيضا مجهول من أمرها أنها كاذبة أيضا فيضاف إليها أيضا مقدمة صادقة وتعتبر نتيجتها إلى أن تنتهي إلى نتيجة بين من أمرها أنها كذب فيعلم حينئذ أن تلك النتائج كلها كاذبة. فإذا حلت إلى القياس الأول وأعتبر القياس الأول مع الأصل الموضوع، عرف بهذا القانون هل المحال لازم عنه أم لا.
[الفصل الخامس]
قال: وقد ينبغي للمجيب في صناعة الجدل إذا تضمن حفظ وضع ما والسائل يقصد إبطاله بالمقدمات التي يتسلمها منه أن يتحفظ أن لا يسلم له حدا واحدا في المقدمات التي يسأل عنها مرتين فأكثر. وذلك إذا كان السؤال بالمقدمات فقط دون النتيجة، فإنه إذا لم يسلم حدا واحدا مرتين في المقدمات لم يكن هنالك حد أوسط. وإذا لم يكن في المقدمات التي يسلمها حد تشترك فيه، فليس يتأتى منها قياس فضلا عن أن يتأتى له منها قياس يبطل الوضع. وإن سلم له حدا واحدا مرتين في المقدمات فقد يتأتى له أن يمانعه عن تلك النتيجة التي هي نقيض وضعه من جهة كيفية ترتيب الحد الأوسط عند نوع نوع من أنواع النتائج الأربعة التي قيلت- أعني إذا لم يرتبه الترتيب الذي ينبغي. وهذه القوة تكون للمجيب بمعرفة أي نتيجة تنتج في أي شكل من الأشكال الثلاثة- أعني ما كان منها خاصا بشكل واحد أو مشتركا لأثنين منها أو للثلاثة بأسرها، وذلك الشيء قد تقدم.