وكذلك أيضا متى كانت المقدمة الكبرى كلية موجبة كانت أو سالبة وكانت المقدمة الصغرى جزئية سالبة، فإنه لا يكون أيضا قياسا ينتج المطلوب بطريق طبيعي، لأن الطرف الأصغر لما كان ليس يوجد فيه الحد الأوسط- أعني ليس هو محمولا عليه بإيجاب- على الشريطة المفروضة في المقول على الكل، أمكن أن يوجد الطرف الأكبر فيه وأن لا يوجد في شيء منه. ومثال ذلك أنا إذا وضعنا أن بعض جَ غير موجودة لشيء من بَ وكل بَ اَ، فإنه يمكن أن ينتج أن اَ موجودة مرة لبعض جَ ومرة غير موجودة. ومثال حدود ذلك من المواد الحي والإنسان والأبيض. وذلك أن بعض الأبيض ليس بإنسان وكل إنسان حي. فإن قولنا بعض الأبيض ليس بإنسان- وهي السالبة الجزئية- يصدق مع السالبة الكلية- وهي قولنا ولا واحد من الأبيض إنسان- كان القياس مؤتلفا مع مقدمتين صغراهما سالبة كلية وكبراهما موجبة كلية، وقد تبين أن هذا غير منتج من جهة الحدود التي تنتج المتضادين. وإن كانت لا تصدق مع قولنا بعض الأبيض ليس بإنسان السالبة الكلية، فيكون بعض الأبيض ضرورة هو إنسان وبعضه ليس بإنسان. فإذن لا يوجد في هذا الوضع حدود تنتج المتضادين- أعني السالب والموجب- إذ كان يجب أن يكون بعض جَ هو اَ، لأنه إذا صدق مع قولنا بعض الأبيض ليس بإنسان قولنا إن بعض الأبيض إنسان، كان اللازم عن هذا التأليف تأليفا منتجا- وهو الذي يكون من موجبة صغرى جزئية وكبرى كلية- وقد تبين أنه ينتج ولابد موجبة جزئية. فلذلك لا يصح أن يوجد في مثل هذه المادة سالب كلي، لأنه نقيض للموجب الجزئي. لكن يبين في مثل هذه المادة- أعني إذا كانت المقدمة الجزئية السالبة صادقة مع الموجبة الجزئية، وهي التي تسمى جزئية بالطبع- أن هذا التأليف غير منتج، فإنه يمكن أن نجد في ذلك البعض الذي سلب عنه الإنسان ما يصدق عليه الحيوان وما يكذب عليه. وذلك أن بعض الأبيض الذي ليس بإنسان، إذا فرضنا أنه الثلج مثلا، صدق قولنا ولا ثلج واحد حيوان. وإذا فرضناه الققنس مثلا، صدق قولنا إن كل ققنس حيوان. فمن هذه الجهة قد يظهر لنا أن هذا التأليف مرة ينتج موجبا كليا صادقا ومرة سالبا كليا صادقا، وهما المتضادان.
وقد يمكن أيضا إن يقال أن هذا الشكل غير منتج من جهة أنه إنما يطلب هاهنا المنتج دائما لا بحسب مادة من المواد. ولما كان هذا التأليف إن سلمنا أنه ينتج موجبة جزئية، فإنما ينتجها في الموضع الذي تكون الجزئية السالبة فيه بالطبع- أعني في المادة التي تصدق معها الموجبة الجزئية- لا في الموضع الذي تصدق معها السالبة الكلية- وهي التي تسمى جزئية بالوضع- وكان المطلوب من التأليفات إنما هو المنتج بالذات وهو المنتج في كل مادة، لم يعد هذا التأليف في التأليفات المنتجة كما لا يعد الذي من موجبتين في الشكل الثاني منتجا وإن كان قد ينتج في بعض المواد لأن المواد التي يتأتى فيها الإنتاج من التي لا يتأتى فيها الإنتاج قد تكون مجهولة.
وكذلك يبين أيضا أن التأليف الذي تكون المقدمة الكبرى فيه سالبة كلية والصغرى سالبة جزئية أنه غير منتج بمثل هذا البيان بعينه. وحدود ذلك من المواد غير النامي والإنسان والأبيض. وذلك أن بعض الأبيض ليس بإنسان ولا إنسان واحد غير نام. فإن أخذنا من ذلك البعض الثلج وققنس، أنتج لنا أن الثلج غير نام وأن ققنس- الذي هو طائر- نام. فنجد هذا التأليف ينتج المتقابلين معا.