للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغدوت طنان اللجام كأنما ... في كل عضو منك صنج يضرب

وكان سرجك إذا علاك غمامة ... وكأنما تحت الغمامة كوكب

ورأى علي بك الصديق جلالة ... وغدا العدو وصدره يتلهب

أنساك لا زالت إذا منيته ... نفسي ولا زالت يميني تنكب

أضمرت منك اليأس حين رأيتني ... وقوى حبالي من قواك تقضب

ورجعت حين رجعت منك بحسرة ... لله ما فعل الأحم الأشهب

وقال موسى بن هارون الهاشمي حدثني أبي قال: كنت واقفاً بين يدي المعتصم، وهو جالس والخيل تعرض عليه، وهو يشرب وبين يديه علوية ومخارق يغنيان، فعرض عليه فرس كميت أحمر ما رأيت مثله قط، فتغامز علوية ومخارق وغناه علوية:

وإذا ما شربوا وأنشدوا ... وهبوا كل جواد وطمر

فتغافل عنه وغناه مخارق:

يهب البيض كالظباء وجرداً ... تحت أجلالها وعيس الركاب

فضحك ثم قال اسكتا يا ابني الزانيتين، فليس يملكه والله أحد منكما، ولما دار الدور غنى علوية:

وإذا ماشربوها وانتشوا ... وهبوا كل بغال وحمر

فضحك، وقال أما هذا فنعم وأمر لأحدهما ببغل وللآخر بحمار.

وحكي أن رجلاً كان له فرس يسمى: (الأبيلق) وكان يجريه فرداً ليس معه غيره، وكل ما مر به طائر أجراه معه، فأعجبه ما رأى من سرعة جريه، فنادي قومه وقال: إني أردت أن أراهن على فرسي هذا فأيكم يرسل معه فرسه، فقيل له إن الحلبة غداً فقال إني لا أرسله إلا في خطر. فراهنوه على ذلك. فلما كان الغد أرسله فسبق، فقال لكل مجرى نجلاء سابق.

وقال أبو عبيدة: أجريت الخيل للرهان فسبق منها فرس، فجعل رجل من الحاضرين يكر ويثب من الفرح، فقيل له: أكان الفرس لك قال: لا، ولكن اللجام لي.

وحكى الأسعد القرقرة من أهل هجر كان يضحك النعمان، وكان اليحموم فرس النعمان يردي من ركبه، فقال النعمان لسعد اركبه واطلب عليه الوحش، فامتنع سعد، فألزمه النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولده وقال بأبي وجوه اليتامى، فضحك النعمان وأعفاه، فقال سعد:

نحن بفرس الوادي أعلمنا ... منا بجري الجياد في السلف

يا لهف أمي فكيف أطعنه ... متمسكاً واليدان في العرف

وقال محمد أبو شبيب غلام النظام دخلت إلى دار الأمير بالبصرة، وأرسلت فرسي فأخذه صبي ليلعب عليه، فقلت له دعه، فقال: إني أحفظه لك، فقلت له: إني لا أريد حفظه: فقال: إذن يضيع، قلت لا أبالي بضياعه، فقال: إن كنت لا تبالي بضياعه فهبه لي، فانقطعت من كلامه. وقيل لسيدنا علي كرم الله وجهه وهو على بغلة في بعض حروبه: لو اتخذت الخيل يا أمير المؤمنين. فقال: لا أفر ممن كر ولا أكر على من فر، فالبغلة تكفيني. ورقى سليك بن سلكة فرسه النحام وكان عزيزاً عليه بقوله:

كأن قوائم النحام لما ... تحمل صحبتي أصلاً محار

على قرماء عالية شواه ... كأن بياض غرته ضمار

وحكى المسعودي: أن أبا العباس المكي قال: كنت أنادم محمد بن طاهر بالري ليلة فقال: كأني أشتهي الطعام فما أكل؟ قلت: صدر دراج أو قطعة من جدي باردة. قال: يا غلام هات رغيفاً وخلاً وملحاً فأكل من ذلك، فلما كان في الليلة الثانية، قال: يا أبا العباس كأني جائع فقلت: ما أكلت البارحة قال: إنك لا تعرف فرق ما بين الكلامين قلت: البارحة: كأني أشتهي الطعام والليلة كأني جائع وبينهما فرق، فدعا بالطعام، ثم قال: صف لي الطعام والشراب والسماع والطيب والنساء والخيل، قلت: أيكون ذلك نثراً أم نظماً، قال: نثراً. قلت: أطيب الطعام ما لقي الجوع بطعم وافق شهوة. قال: فما أطيب الشراب؟ قلت: كاس مدام تبرد بها غليلك وتعاطي بها خليلك، قال: فأي السماع أفضل؟ قلت: أوتار أربعة وجارية متربعة، غنائها معجب وصوتها مطرب، قال: فأي الطيب أطيب؟ قلت: ريح حبيب تحبه وقرب ولد تربه، قال: فأي النساء أشهى؟ قلت من تخرج من عندها كارهاً وترجع إليه والهاً. قال: فما صفة العتيق من الخيل؟ قلت: الأشدق الذي إذا طلب سبق، وإذا طُلب لحق، قال: أحسنت. يا بشير أعطه مئة ديناء، قلت وأين يقع مني مئتا دينار، قال: أوقد زدت نفسك مئة دينار؟ يا غلام أعطه كما ذكرنا والمئة الأخرى لحسن ظنه بنا. فانصرفت بمئتي دينار. وقال البها زهير يصف فرسه بالهزال:

أياديك لا يفل يوماً حسامها ... بجود إذا ضن الغمام غمامها

<<  <   >  >>