للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما عرف الصحابة رضوان الله عليهم الجاهلية، ثم عرفوا الإسلام خرجوا – نتيجة للتربية القرآنية والعناية النبوية – وهم أعظم جيل عرفه تاريخ هذه الدعوة.

ترى، ما سر تلك العظمة التي نقرأ عنها ونسمع، وكأنها شبه أحلام، نظراً للهوة السحيقة التي وصلنا إليها؟ ذلك الجيل الذي كان الواحد منهم إذا دخل في الإسلام خلع على عتبته كل ماضيه في الجاهلية، وانتقل نقلة بعيدة من عالم مظلم سحيق، وتصور قاصر، ومفاهيم كليلة، وعبودية للمال والعبيد، إلى حياة رحبة فسيحة، وعالم يملؤه نور الله، وتصور كامل شامل، واستعلاء على كل عبودية إلا العبودية لله عز وجل. (١) .

إن سر ذلك النجاح، وتلك العظمة هو نقطة البدء التي بدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هذه الكلمة التي مزقت كل رابطة، وأهدرت كل وشيجة إلا وشيجة العقيدة. رابطة الحب في الله، رابطة المؤاخاة الإيمانية التي يتهاوى دونها كل عرق ودم وتراب وجنس ولون.

ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي. اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلي إلا ظلي) (٢)

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم


(١) انظر معالم في الطريق للأستاذ سيد قطب (ص١٦) فصل جيل قرآني فريد. طبع دار الشروق. وانظر كتاب: أبو بصير قمة في العزة الإسلامية للأستاذ محمد حسن بريغش (ص٤٧) ط -٢ سنة ١٣٩٧ هـ الناشر مكتبة الحرمين بالرياض.
(٢) صحيح مسلم ط - ٤ (٤/١٩٨٨) (ح ٢٥٦٦) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي كتاب البر الطبعة الأولى سنة ١٣٧٤هـ /دار إحياء الكتب العربية وانظر المسند للإمام أحمد (ج١٦/١٩٢) (ح٨٤٣٦) تحقيق الشيخ أحمد شاكر الطبعة الرابعة سنة ١٣٧٣ هـ دار المعارف بمصر والموطأ (ج٢/٩٥٢) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

<<  <   >  >>