للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إجارة المسلم نفسه لهم فجائز إذا لم يكن في ذلك تعظيم لدينهم أو شعائرهم أو ما فيه ذلة ومهانة له. وأما الاستعانة بهم في الغزو فجائز ولكن ذلك منوط بإمام المسلمين إذا رأى أن المصلحة تقتضي استخدامهم وإلا فلا.

ومع هذا فإنه يجب الاحتراز ومنع استعمال الكفار في شيء من ولايات المسلمين التي يكون فيها سلطة لهم على المسلمين كالدواوين فإن في ذلك جناية على الإسلام والمسلمين، ففضلاً عن أن ذلك مخالفة صريحة لحكم الشرع الإسلامي وهيمنته على الأرض فإنه أيضاً إذلالاً صريح للمسلمين حتى الذين توهموا أن ذلك أمر جائز. وإليك بعضاً من النصوص والحوادث التاريخية الهامة التي يبدو فيها كيد أعداء الله للإسلام حين تولوا هذه المناصب الهامة.

روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتباً نصرانياً. قال: مالك؟ قاتلك الله؟ أما سمعت الله يقول:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ { [سورة المائدة: ٥١] .

ألا اتخذت حنيفاً؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته، وله دينه، قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله " (١) .

وكتب عمر رضي الله عنه أيضاً إلى أبي هريرة كتاباً جاء فيه: ".. ولا تستعن في أمر من أمور المسلمين بمشرك. وساعد على مصالح المسلمين بنفسك فإنما أنت رجل منهم غير أن الله تعالى جعلك حاملاً لأثقالهم (٢) .


(١) هكذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (ص٥٠) أن هذا الحديث رواه أحمد ولم أجده في مسند أبي موسى، وقد أورده البيهقي في السنن الكبرى (١٠/١٢٧) كتاب آداب القاضي.
(٢) أحكام أهل الذمة (١/٢١٢ ٧) .

<<  <   >  >>