للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصل آخر: وهو أن كل ما يتشابهون فيه من عبادة أو عادة أو كليهما هو من المحدثات في هذه الأمة ومن البدع إذ الكلام فيما كان من خصائصهم وأما ما كان مشروعاً لنا وقد فعله سلفنا السابقون فلا كلام فيه.

ونخلص إلى القول: أن حكم الموافقة في الأول مكروهة وفي الثاني محرمه وفي الثالث أشد حرمة.

[ما بين التشبه والولاء من علاقة]

من نافلة القول: أن الشارع ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه، وما ترك شراً إلا حذر الأمة عنه. وحين أمر الشارع الحكيم بمخالفة الكفار - في الهدي الظاهر - فإن ذلك لحكم جليلة (١) منها:

(١) إن المشاركة في الهدي الظاهر: تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال.

وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب الجند المقاتلة - مثلاً - في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضياً لذلك، إلا أن يمنعه من ذلك مانع.

(٢) إن المخالفة في الهدي الظاهر: توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال. والانعطاف إلى أهل الهدي والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين.

وكلما كان القلب أتم حياة، وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام - لست أعني مجرد التوسم به ظاهراً، أو باطناً بمجرد الاعتقادات التقليدية من حيث الجملة - كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً أو ظاهراً أتم. وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (١١-١٢) .

<<  <   >  >>