للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرد على من زعم أن كلمة التوحيد لفظ فقط

مع بيان المذهب الصحيح في الأحاديث الواردة بخصوصها

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:

(ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) (١) وقوله (لا يدخل النار من قال لا إله إلا الله) (٢) , وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث، التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة! وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالداً، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة. فإن الشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، لأن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار.

بل لا بد من قول القلب، وقول اللسان.

وقول القلب: يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق الكلام عليه في شروط لا إله إلا الله.

<<  <   >  >>