للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الحب لمن؟ والبغض لمن؟ فهذه معان بعيدة عن تصورهم ومجال تفكيرهم!!

إن هذا الدين لم يكن توحيد ربوبية فحسب. وإنما هو أيضاً توحيد ألوهية وتوحيد أسماء وصفات تليق بجلال الله وعظمته.

وتأمل - كما يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله -:

(حال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قام ينذر المشركين عن الشرك، ويأمرهم بضده وهو التوحيد، لم يكرهوا واستحسنوا، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه، إلى أن صرح بسب دينهم وتجهيل علمائهم، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه، ولا الملائكة، ولا الصالحين، ولكن لما ذكر أنهم لا يدعون ولا ينفعون، ولا يضرون: جعلوا ذلك شتماً.

فإذا عرفت هذا، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام - ولو وحد الله وترك الشرك - إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعدواة والبغض، كما قال تعالى في سورة المجادلة:

{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان { [سورة المجادلة: ٢٢] .

(فإذا فهمت هذا جيداً عرفت أن كثير من الذين يدعون الدين لا يعرفونها - أي لا إله إلا الله - وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك والعذاب والأسر، والضرب، والهجرة للحبشة، مع أنه صلى الله عليه وسلم أرحم الناس لو يجد لهم رخصة لأرخص لهم) (١) .


(١) مجموعة التوحيد لابن تيمية وابن عبد الوهاب وغيرهم (ص١٩) الناشر دار الفكر بالقاهرة.

<<  <   >  >>