للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآيات - وخاصة سورة الكافرون - إنها إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم للكفار على دينهم الباطل وهذا زعم باطل. مخالف لحقيقة الإسلام، ودعوة رسول الإسلام.

ومضاد لدعوة الرسل جميعاً.

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:

(إن هذه السورة - سورة الكافرون - تشتمل على النفي المحض وهذه خاصية هذه السورة، فإنها سورة براءة من الشرك كما جاء في وصفها) (١) .

(ومقصودها الأعظم البراءة المطلوبة بين الموحدين والمشركين، ولهذا أتى بالنفي في الجانبين تحقيقاً للبراءة المطلوبة. مع تضمنها للإثبات بأن له معبوداً يعبده وأنتم بريئون من عبادته، وهذا يطابق قول إمام الحنفاء {إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {٢٦} إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي { [سورة الزخرف ٢٦ - ٢٧] فانتظمت حقيقة لا إله إلا الله.

(ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرنها بسورة الإخلاص في سنة الفجر (٢) وسنة المغرب (٣) وحين أخبر الله أن لهم دينهم وله دينه: هل هو إقرار فيكون منسوخاً أو مخصوصاً؟ أو لا نسخ في الآية ولا تخصيص؟

(هذه مسألة شريفة من أهم المسائل، وقد غلط في السورة خلائق، وظنوا أنها منسوخة بآية السيف لاعتقادهم أن هذه الآية اقتضت التقرير لهم على دينهم! وظن آخرون: أنها مخصوصة بمن يقرون على دينهم وهم أهل الكتاب!

وكلا القولين محض، فلا نسخ في السورة ولا تخصيص، بل هي محكمة وهي من السورة التي يستحل دخول النسخ في مضمونها، فإن أحكام التوحيد التي اتفقت عليه الرسل يستحيل دخول النسخ فيه.

(وهذه السورة أخلصت التوحيد، ولهذا تسمى أيضاً سورة الإخلاص. ومنشأ الغلط: ظنهم أن الآية اقتضت إقرارهم على دينهم. ثم رأوا أن هذا الإقرار زال بالسيف فقالوا: منسوخة!!


(١) سنن أبي داود: في الأدب (٥/٣٠٣ ح ٥٠٥٥) والترمذي في الدعوات (ج ٩/١١٠ ح ٣٤٠٠) ومسند الإمام أحمد ٥/٤٥٦ والدارمي في فضائل القرآن (٢/٤٥٨) قال الألباني: حديث حسن انظر صحيح الجامع الصغير (١/١٤٠ ح ٢٨٩) .
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي (٦/٥) والمسند طبع الساعاتي (٤/٢٢٥) .
(٣) مشكاة المصابيح (١/٢٦٨) ، وانظر بدائع الفوائد (١/١٣٨) .

<<  <   >  >>