للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ { [سورة آل عمران: ٣١] .

ذلك أن نصاعة التصور الإسلامي في الفصل بين حقيقة الألوهية. وحقيقة العبودية لا تجفف ذلك النداء الحبيب بين الله وعباده، فهي علاقة الرحمة والعدل والود وليست كما يدعي أعداء الله: أن العلاقة بين العبد وربه علاقة جافة وعنيفة، علاقة قهر وقسر، وعذاب وعقاب، وجفوة وانقطاع!

{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا { [سورة الكهف: ٥] .

وحب الله لعبد من عبيده أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من عرف الله سبحانه بصفاته كما وصف نفسه وكما وصفه رسوله، وإلا من وجد إيقاع هذه الصفات في حسه ونفسه وشعوره.

حب العبد لربه نعمة لهذا العبد لا يدركها كذلك إلا من ذاقها. وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمراً هائلاً عظيماً، وفضلاً غامراً جزيلاً، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه، وتعريفه هذا المذاق هائل عظيم (١) .

ومن نعمة الله على عباده المؤمنين أن جعل المحبة فيه هي الوشيجة العظمى بينهم، وهي المورد العذب الذي ينهلون منه جميعاً، ثم جعل سبحانه وجود المحبة للقوم ولما يلحق بهم المحب سبيلاً للحاق بهم يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) (٢) . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله


(١) بتصرف. الظلال (٢/٩١٨ - ١٩١) .
(٢) صحيح البخاري كتاب الأدب باب علامة الحب في الله (١٠/٥٧٧ ح ٦١٦٨) .

<<  <   >  >>