للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلقه وأمره وثوابه وعقابه، وأحكام الموازنة.. وتفاوت المراتب في ذلك بأسباب مقتضية بالغة ممن هو قائم على كل نفس بما كسبت (١) .

والذي يظهر لي – والله أعلم – هو ما ذهب إليه مالك وابن عقيل من أصحاب أحمد وغيرهما أن الجاسوس المسلم يقتل لأن التعليل في قصة حاطب (تعليل بعلة مانعة من القتل منفية في غيره ولو كان الإسلام مانعاً من قتله لم يعلل بأخص منه، لأن الحكم إذ علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى والله أعلم) (٢) .

ونزول الخطاب القرآني بقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) .

يدل على دخول حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه، وله خصوص السبب الدال على إرادته، مع أن في الآية ما يشعر أن فعل حاطب نوع موالاة وأنه أبلغ بالمودة، فإن فاعل ذلك قد أضل سواء السبيل، لكن قوله صلى الله عليه وسلم (صدقكم خلوا سبيله) ظاهر في أنه لا يكفر بذلك إذا كان مؤمناً بالله ورسوله غير شاك ولا مرتاب، وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي، ولو كفر لما قيل (خلوا سبيله) (٣) . أما الجاسوس الكافر فهذا يجب قتله لأنه صلى الله عليه وسلم قتل جاسوساً من المشركين. فعن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اطلبوه واقتلوه) . فقتلته فنفله سلبه (٤) .


(١) بتصرف. زاد المعاد (٣/٤٢٤ – ٤٢٧) .
(٢) زاد المعاد (٣/١١٤) وانظر أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم لابن فرج المكي (ص٢٥) .
(٣) إرشاد الطالب للشيخ سليمان بن سحمان (ص١٥) .
(٤) صحيح البخاري كتاب الجهاد باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان (٦/١٦٨ ح ٣٠٥١) وأبي داود في الجهاد (٣/١١٢ ح ٢٦٥٣) .

<<  <   >  >>