للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسوله وإحداث ما خالفهما، ونصر من أحدث ذلك والذب عنه، ومعاداة من دعا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) (١) وأما من كانت بدعته دون ذلك أي من المعاصي والذنوب التي لا تصل إلى حد الكفر أو الشرك فهذه تختلف أيضاً باختلاف الأشخاص والأزمان.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يستقيم إلا بالبصيرة والمعرفة التامة وأقل الأحوال إذا لم يحصل للعبد ذلك: أن يقتصر على نفسه كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك) (٢) . فإذا رأى المسلم من يعمل شيئاً من المعاصي: أبغضه على ما فيه من الشر، وأحبه على ما فيه من الخير - كما ذكرنا ذلك في معتقد أهل السنة في أول البحث - ولا يجعل بغضه على ما معه من الشر قاطعاً وقاضياً على ما معه من الخير فلا يحبه، بل إن كان بغضه له يزجره ذلك ولا يرتدع هو وأمثاله راعى فيه الإصلاح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر من علم أن الهجر يزجره ويردعه، وقبل معذرة من علم أن الهجر لا ينجع فيه شيئاً ووكل سرائرهم إلى الله) (٣) .

وعلى أي حال فإنه ينبغي للمسلم أن لا يخالط أهل البدع والفجور وسائر المعاصي، إلا على وجه يسلم به من عذاب الله عز وجل، وأقل ذلك أن يكون منكراً لظلمهم، ماقتاً لهم، شائناً ما هم فيه بحسب الإمكان كما في الحديث، (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (٤) .


(١) إعلام الموقعين لابن القيم (٤/٤٠٥) .
(٢) أبو داود (٤/٥١٢ ح ٣٤١) كتاب الملاحم والترمذي في التفسير (ح ٣٠٦٠) وقال: حديث حسن غريب وابن ماجة (٢/١٣٣١ ح ٤٠١٤) وانظر جامع الأصول (١٠/٣ ح ٧٤٥٣) . وقال الألباني: ضعيف ولبعضه شواهد انظر مشكاة المصابيح (٣/١٤٢٣) .
(٣) انظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٧/٤١) .
(٤) تفسير سورة النور لابن تيمية (ص ٥٥) الطبعة الأولى / ١٣٩٧ هـ والحديث في صحيح مسلم (١/٦٩ ح ٤٩) كتاب الإيمان.

<<  <   >  >>