للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق (١) انتهى.

ولهذه الشروط طرق أخرى في روايتها، ولكنها كلها تلتقي عند هذا المعنى، ولذلك عقب ابن القيم رحمه الله على اختلاف تلك الروايات بقوله: وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها من بعده الخلفاء وعملوا بها (٢) .

سبحان الله!!!

ما هذا البون الشاسع بين تلك القمة وبين هذا الغثاء الذي يعيش اليوم على الأرض متميعاً متسكعاً وراء الكفار والملاحدة. ويحسب نفسه مسلماً؟

أين تلك العزة والقوة والسلطان الرباني الذي أخذ به ذلك الجيل، وأين الضعف والاستخذاء والتبعية العمياء التي يعيشها "المسلمون" اليوم؟

ترى: هل المنتسبون اليوم للإسلام في درجة الذميين الذين طبقت عليهم هذه الشروط؟

هل "المسلمون" اليوم ذميون للكفار؟

إن الذي يظهر لي أنه حتى على هذا الافتراض الأخير فإن المسلمين اليوم أقل قدراً من ذميي الأمس. ذميو الأمس: في صغار وفى ذلة وفي زي معين ومكان معين. نعم.

أما مسلمو اليوم ففي صغار وذلة واستكانة عن إسلامهم وتبعية للشرق الملحد والغرب الكافر، وإعجاب وانبهار بما عليه أعداء الإسلام، وسخرية واستهزاء بما كان عليه سلف هذه الأمة!

من هنا فهم أحط قدراً عند الله - ما داموا بهذه الصفات - وأحقر من أن يهابوا


(١) أحكام أهل الذمة لابن القيم (٢/٦٦١ - ٦٦٢) .
(٢) أحكام أهل الذمة لابن القيم (٢/٦٦٣) انظر اقتضاء الصراط المستقيم (ص١٢) .

<<  <   >  >>