للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٣) الاستضعاف: وهنا لا تعذيب ولا تهديد ولكن المستضعف داخل تحت وضع مفروض عليه من غيره كالمقيم في مكة بعد هجرة المسلمين عنها، فإذا كان دخوله تحت هذا الوضع لعجزه عن دفعه وعن الخروج منه، ولو أمكنه ذلك لفعل مهما كانت تضحياته وتكاليفه فهذا قد عفا الله عنه (١) . أما إذا كان قادراً على الدفع أو الخروج ولم يفعل ذلك إيثاراً للعاقبة فقد سبق كلام الشيخ ابن عتيق وغيره في ذلك.

قال ابن تيمية: تأملت المذاهب فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة ونحوها، فإن أحمد قد نص في غير موضع، إن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بالتعذيب من ضرب وقيد، ولا يكون الكلام إكراهاً (٢) .

كلمة أخيرة حول الإكراه

إنه من المهم والواجب التفريق بين الإكراه وبين مشاعر الخوف التي تتزاوج مع مشاعر الرجاء والتعظيم فإن هذه مشاعر عبادة.

كما أنه يجب أن نفرق بين الاستضعاف وبين الهزيمة الداخلية، والاستكانة للعدو والركون إليه وفقدان الثقة في الله وترك التوكل عليه.

ذلك أن الإنسان يملك في أحلك الظروف قوة عظيمة - هي قوة الرفض بقلبه - وهذه القوة سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاداً في قوله " ... ومن جهادهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " (٣) .

فالانهزام أمام الباطل والموالاة التي يحتاجها الباطل حتى وهو قوي لا بد من


(١) المصدر السابق: (٥٢٦) .
(٢) نقلاً عن الدفاع لابن عتيق (ص ٣٠) .
(٣) صحيح مسلم (١/٧٠ ح ٥٠) كتاب الإيمان.

<<  <   >  >>