للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثقافته" وهو يتحدث عن أسلوب نزع ولاء المسلمين فيقول (إننا في كل بلد إسلامي دخلناه نبشنا الأرض لنحصل على تراث الحضارات القديمة قبل الإسلام، ولسنا نعتقد بهذا أن المسلم سيترك دينه ولكنه يكفينا منه تذبذب ولائه بين الإسلام وتلك الحضارات) (١) .

وهذا الكلام صادق في ذاته، لأن نشوء فكرة إحياء الحضارات والنعرات الجاهلية أمر خطير على قضية الولاء، حيث ينشأ من ذلك فصام نكد، ويبتدئ الميل والحب - بفعل شياطين الجن والإنس - يكبر تجاه هذه الحضارات ويقل ثم يضمحل الولاء الإسلامي الخالص لله رب العالمين.

وبعد أن كان البراء أمراً ملازماً للولاء تجاه هذه النعرات الجاهلية أصبح أمراً لا وجود له - إلا عند من رحم الله - لأن هذه الأفكار كفيلة بغسل فكرة البراء من النفس عند ضعاف الإيمان، أو المغالطة عند البعض بأن هذه الأفكار والمذاهب لا تتعارض مع الإسلام! ويقال: ما الذي يمنع المسلم أن يكون مسلماً وقومياً أو مسلماً علمانياً أو مسلماً اشتراكياً.. الخ.

ولما أدرك أعداء الإسلام مدى جدوى وفاعلية هذه الفكرة التي تمسخ المسلم حتى يصبح مخلوقاً لا صلة له بالله - كما قالوا - بدأوا ببث فكرة القومية والوطنية مبتدئين بتركيا مقر آخر خلافة إسلامية، حيث نشأت هناك: القومية الطورانية وتزعم هذه الدعوة حزب "الاتحاد والترقي" فبدأ بالمطالبة "بتتريك" تركيا، وعودة القومية الطورانية متخذين لذلك شعار: الذئب الأغبر الذي هو معبود الأتراك قبل أن يعرفوا الإسلام.

وبهذا (التتريك) أخذت الدولة العثمانية تضغط على العرب، حيث تعطي الأتراك امتيازات خاصة بهم لأنهم ترك! وهذا الفعل فضلاً عن كونه يعارض مبدأ العدل الإسلامي هو أيضاً مؤشر للعرب أن يتحدوا في قومية عربية جديدة! وهذا هو الذي حصل فعلاً.

فلقد قام الجاسوس لورنس - الذي سماه المغفلون - "لورنس العرب"


(١) نقلاً عن مذكرة المذاهب الفكرية

<<  <   >  >>