للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واشتغاله به من نقص توحيده (١) وإلا فلو جرد توحيده لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا.. ومعلوم أن التوحيد حصن الله الأعظم من دخله كان من الآمنين. قال بعض السلف: من خاف الله خافه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء) (٢) .

هذا طريق من طرق منهج العقيدة في غرسها للولاء والبراء في النفوس. وطريق آخر: وهو استخدام مشاهد يوم القيامة، لتصوير الخصومة والعداء بين الأتباع والمتبوعين - الذين سلكوا غير منهج الله في الدنيا ووالوا وعادوا حسب العادات ودين الآباء - وتبرؤ كل فريق من صاحبه.

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ {١٦٦} وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ { [سورة البقرة: ١٦٦- ١٦٧] .

ولا شك أن هذه حال من اتخذ من دون الله ورسوله وليجة وأولياء، يوالي لهم ويعادي لهم، ويرضى لهم، ويغضب لهم، فإن أعماله كلها باطلة، يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها، وشدة تعبه فيها ونصبه، إذ لم يخلص موالاته ومعاداته، ومحبته وبغضه، وانتصاره وإيثاره لله ورسوله.

ويوم القيامة ينقطع كل سبب ووسيلة وموالاة كانت لغير الله، ولا يبقى إلا من كان له سبب يصل بينه وبين ربه وهو حظه من الهجرة إلى الله ورسوله وعبادة الله وحده وما يلزم ذلك من الحب والبغض والعطاء والمنع والولاء والعداء والقرب


(١) يشترط في هذا عدم ترك الأسباب لأن فعل السبب من باب التوكل (اعقلها وتوكل)
(٢) بدائع الفوائد لابن القيم (٢/٢٤٥) - بتصرف.

<<  <   >  >>