للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حرب ابرويز مع الروم]

قالوا: ثم ان ابن قيصر ملك الروم قدم على كسرى ابرويز، فاخبره بان بطارقه الروم وعظماءها وثبوا على ابيه قيصر وأخيه ثيادوس بن قيصر، فقتلوهما جميعا، وملكوا عليهم رجلا من قومهم، يسمى كوكسان، وذكره بلاء ابيه وأخيه عنده، فغضب ابرويز له، ووجه معه ثلاثة قواد: احدهم شاهين في اربعه وعشرين الف رجل، فوغل في ارض الروم، وبث فيها الغارات حتى انتهى الى خليج القسطنطينية، فعسكر هناك، والقائد الآخر بوذ [١] فسار نحو ارض مصر، فاغار، وعاث، وافسد حتى انتهى الى الإسكندرية، فافتتحها عنوه، وسار الى البيعه العظمى التي بالإسكندرية، فاخذ اسقفها، فعذبه، حتى دله على الخشبة التي تزعم النصارى ان المسيح صلب عليها، وكانت مدفونة في موضع قد زرع فوقها الرياحين، والقائد الثالث شهريار فسار حتى اتى الشام، فقتل أهلها قتلا ذريعا، حتى أخذها كلها عنوه.

فلما راى عظماء الروم ما حل بهم من كسرى اجتمعوا، فقتلوا الرجل الذى كانوا ملكوه، وقالوا ان مثل هذا لا يصلح للملك وملكوا عليهم ابن عم لقيصر المقتول يسمى هرقل، وهو الذى بنى مدينه هرقله [٢] ، فكانت هذه الغلبه التي ذكرها الله تعالى في كتابه [٣] :

وان هرقل الذى ملكته الروم استجاش اهل مملكته، وسار الى القائد الذى كان معسكرا على الخليج، فحاربه حتى اخرجه من ارض الروم، ثم صمد للذي كان بأرض مصر، فطرده عنها، ثم عطف على شهريار، فاخرجه عن الشام، فوافت


[١] في احدى النسخ الاوربيه رمبوزان، ولقد كان استيلاء الفرس على مصر في عهد ملكهم قميز بن كورش سنه ٥٢٥ ق. م. وقد دخلت جيوش الفرس الى مصر بقيادته.
[٢] مدينه ببلاد الروم سميت باسم هرقله بنت ملك الروم، وهي بالقرب من صفين من الجانب الغربي.
[٣] سوره الروم الآيات من ١ الى ٦.

<<  <   >  >>