وفي ذلك العام استخلف هرون الرشيد، وحج، وانصرف الى المدينة، فوضع لأهلها العطاء، واجزل لهم.
واقبل الى العراق فوافى الكوفه، وعقد لأبي العباس الطوسى على خراسان، فلبث عليها عامين، ثم عزله.
واستعمل عليها محمد بن الاشعث.
وفي سنه اربع وسبعين ومائه وقعت العصبية بأرض الشام بين المضرية واليمانيه، فتحاربوا حتى قتل من الفريقين بشر كثير.
وحج الرشيد في ذلك العام بالناس ومعه ابناه محمد، وعبد الله، وكتب بينهما كتابا بولاية العهد لمحمد، ومن بعده لعبد الله المأمون، وعلق الكتاب في جوف الكعبه، ثم انصرف الى مدينه السلام.
واستعمل على خراسان الغطريف بن عطاء.
قال على بن حمزه الكسائي: ولانى الرشيد تاديب محمد وعبد الله، فكنت اشدد عليهما في الأدب، وآخذهما به أخذا شديدا، وبخاصه محمدا، فاتتنى ذات يوم خالصه جاريه أم جعفر.
فقالت: يا كسائي، ان السيده تقرا عليك السلام، وتقول لك، حاجتي إليك ان ترفق بابني محمد، فانه ثمره فؤادى وقره عيني، وانا ارق عليه رقه شديده.
فقلت لخالصه: ان محمدا مرشح للخلافة بعد ابيه، ولا يجوز التقصير في تأديبه.
فقالت خالصه: ان لرقة السيده سببا، انا مخبرتك به.
انها في الليلة التي ولدته اريت في منامها كان اربع نسوه اقبلن اليه، فاكتنفنه عن يمينه وشماله، وامامه وورائه، فقالت التي بين يديه: ملك قليل العمر، ضيق الصدر، عظيم الكبر، واهي الأمر، كثير الوزر، شديد الغدر،