وامتنع عمرو بن سعيد من البيعه، ومات مروان، وله ثلاث وستون سنه، ثم ملك عبد الملك بن مروان سنه ست وستين، فخرج عمرو بن سعيد بن العاص عليه، فصار اهل الشام فرقتين: فرقه مع عبد الملك، وفرقه مع عمرو بن سعيد.
فدخلت بنو اميه واشراف اهل الشام بينهما حتى اصطلحا، على ان يكونا مشتركين في الملك، وان يكون مع كل عامل لعبد الملك شريك لعمرو بن سعيد، وعلى ان اسم الخلافه لعبد الملك، فان مات عبد الملك فالخليفه من بعده عمرو بن سعيد، وكتبا فيما بينهما كتابا، واشهدا عليه اشراف اهل الشام.
وكان روح بن زنباع من اخص الناس بعبد الملك بن مروان، فقال له، وقد خلا به يوما: يا امير المؤمنين، هل من رأيك الوفاء لعمرو؟
قال: ويحك يا ابن زنباع، وهل اجتمع فحلان في هجمة قط الا قتل أحدهما صاحبه؟
وكان عمرو بن سعيد رجلا معجبا بنفسه، متهاونا في امره، مغترا باعدائه.
[قتل عمرو بن سعيد بن العاص]
ثم ان عمرا دخل على عبد الملك يوما، وقد استعد عبد الملك للغدر به، فامر به، فاخذ، فاضجع، وذبح ذبحا، ولف في بساط.
واحس اصحاب عمرو بذلك، وهم بالباب، فتنادوا، فاخذ عبد الملك خمسمائة صره، قد هيئت، وجعل في كل صره ألفا درهم، فامر بها، فاصعدت الى اعلى القصر، فالقيت الى اصحاب عمرو بن سعيد مع راس عمرو، فترك اصحابه الراس ملقى، وأخذوا المال، وتفرقوا.
فلما اصبح عبد الملك أخذ من اصحاب عمرو ومواليه خمسين رجلا، فضرب أعناقهم، وهرب الباقون، فلحقوا بعبد الله بن الزبير.