للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما سمع قطري ذلك بكى، ووطن نفسه على الموت، وباشر الحرب بنفسه، وهو يرتجز:

حتى متى تخطئنى الشهاده ... والموت في أعناقنا قلاده

ليس الفرار في الوغى بعاده ... يا رب زدني في التقى عباده

وفي الحياه بعدها زهاده

فاقتتلوا يومهم حتى حال بينهم الليل.

ومضى قطري في اصحابه نحو جيرفت [١] ، وهم بالهرب الى كرمان، فقال رجل من اصحابه:

أيا قطري الخير ان كنت هاربا ... ستلبسنا عارا وأنت مهاجر

إذا قيل قد جاء المهلب اسلمت ... له شفتاك الفم، والقلب طائر

فحتى متى هذا الفرار مخافة ... وأنت ولى، والمهلب كافر

ولما رات الخوارج نكول قطري عن الحرب، وما هم به من الفرار خلعوه عنهم، وولوا عبد ربه وكان من نساكهم، فسار بهم الى قومس [٢] ، فأقام بها.

[المهلب والحجاج]

وان الحجاج كتب الى المهلب:

اما بعد، فقد طاولت القوم وطاولوك، حتى ضروا بك ومرنوا على حربك، ولعمري لو لم تطاولهم لا نحسم الداء وانفصم القرن، وما أنت والقوم سواء، ان


[١] مدينه بكرمان، من اعيان مدنها وأنزهها، بها نخل وفواكه، قال سهيل بن عدى:
ولم تر عيني مثل يوم رايته ... بجيرفت من كرمان اوهى واحقرا
[٢] تعريب كومس: كورة كبيرة واسعة، بها مدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان، قصبتها دامغان، بين الري ونيسابور، ومن مدنها بسطام.

<<  <   >  >>