للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبينا هو يخطب الناس على المنبر، وقد صلى بهم إذ اقبلت الخوارج، فقال: سبحان الله، افي مثل هذا اليوم يأتوننا؟ ما ابغض الى المحاربة فيه، ولكن الله تعالى يقول: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ، وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ، فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [١] ثم نزل عن المنبر، ونادى في اصحابه، فركبوا واستلاموا، واستقبلوا الخوارج، فحملت عليهم الخوارج، وامامهم عظيم منهم يسمى عمرو القنا وكان من فرسانهم، وهو يرتجز:

نحن صبحناكم غداه النحر ... بالخيل امثال الوشيج تسرى [٢]

يقدمها عمرو القنا في الفجر ... الى اناس لهجوا بالكفر

اليوم اقضى في العدو نذرى

ثم اقتتلوا، وصبر بعضهم لبعض، وكثرت بينهم القتلى، فلم يزل كل فريق منهما على مكانه حتى حال بينهم الليل، وانحازت الخوارج الى كازرون [٣] .

وسار اليهم المهلب فواقعهم بكازرون، فاسرع المهلب في الخوارج، فتفرقوا [٤] في تلك الوقعه، وصاروا سياره، وخرجوا الى تخوم اصطخر، واتبعهم المهلب.

فتواقف الفريقان، وحمل بعضهم على بعض، وامام الخوارج رجل يرتجز:

حتى متى يتبعنا المهلب ... ليس لنا في الارض منه مهرب

ولا السماء، اين اين المذهب؟


[١] سوره البقره الآية: ١٩٤.
[٢] الوشيج: شجر الرماح.
[٣] مدينه بفارس بين البحر وشيراز، ويقال انها هي دمياط الأعاجم، وكلها قصور وبساتين ممتدة عن يمين وشمال.
[٤] في الأصل: فرقوا.

<<  <   >  >>