للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال القوم: هذا الرأي، فاعمل به، فان بنا قوه ونهوضا.

فوجه رسله الى كور الشام ليجتمع اليه، فاجتمع له جميع اجناد الشام، ثم سار وقد احتشد، ولم ينزل.

[خضوع العراق لجند الشام]

وبلغ مصعب بن الزبير خروجه، فضم اليه اطرافه، وجمع اليه قواصيه، واستعد، ثم خرج لمحاربته، فتوافى العسكران بدير الحانات، فقال عدى بن زيد بن عدى، وكان مع عبد الملك:

لعمري لقد اصحرت خيلنا ... بأكناف دجلة للمصعب [١]

يجرون كل طويل الكعوب ... معتدل النصل والثعلب [٢]

بكل فتى واضح وجهه ... كريم الضرائب [٣] والمنصب

ولما نظر اصحاب مصعب الى كثره جموع عبد الملك تواكلوا، وشملهم الرعب، فقال مصعب لعروه بن المغيره، وهو يسايره:

ادن يا عرو اكلمك.

فدنا منه.

فقال: أخبرني عن الحسين، كيف صنع حين نزل به الأمر؟

قال عروه: فجعلت احدثه بحديث الحسين، وما عرض عليه ابن زياد من النزول على حكمه، فأبى ذلك، وصبر للموت.

فضرب مصعب معرفه [٤] دابته بالسوط، ثم قال:

فان الالى بالطف [٥] من آل هاشم ... تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

وان عبد الملك كتب الى رؤساء اصحاب مصعب يستميلهم اليه، ويعرض عليهم الدخول في طاعته، ويبذل لهم على ذلك الأموال.


[١] اصحرت الخيل: برزت في الصحراء، والأكناف جمع كنف بفتحتين وهو الجانب.
[٢] المقصود بالثعلب طرف الرمح الداخل في جبه السنان.
[٣] الضرائب: جمع ضريبه، وهي الطبيعة والسجية، او السيف وحده، كالمضرب.
[٤] المعرفة موضع العرف من الفرس.
[٥] الطف: موضع قرب الكوفه.

<<  <   >  >>