تداعت عليه بالمدينة عصبة ... فريقان، منهم قاتل وخذول
دعاهم، فصموا عنه عند دعائه ... وذاك على ما في النفوس دليل
سانعى أبا عمرو بكل مثقف ... وبيض لها في الدارعين صليل
تركتك للقوم الذين تظافروا ... عليك، فماذا بعد ذاك اقول
فلست مقيما ما حييت ببلدة ... اجر بها ذيلي وأنت قتيل
واما التي فيها مودة بيننا ... فليس إليها ما حييت سبيل
سالقحها حربا عوانا ملحة ... وانى بها من عامنا لكفيل
وكتب على الى جرير بن عبد الله البجلي، وكان عامل عثمان بأرض الجبل مع زحر بن قيس الجعفى، يدعوه الى البيعه له، فبايع وأخذ بيعه من قبله، وسار حتى قدم الكوفه.
وكتب الى الاشعث بن قيس بمثل ذلك، وكان مقيما باذربيجان طول ولايه عثمان بن عفان، وكانت ولايته مما عتب الناس فيه على عثمان، لأنه ولاه عند مصاهرته اياه، وتزويج ابنه الاشعث من ابنه، ويقال ان الاشعث هو الذى افتتح عامه اذربيجان، وكان له بها اثر ونصح واجتهاد، وكان كتابه اليه مع زياد بن مرحب، فبايع لعلى، وسار حتى قدم عليه الكوفه.
وان عليا ارسل جرير بن عبد الله الى معاويه يدعوه الى الدخول في طاعته، والبيعه له، او الإيذان بالحرب، فقال الاشتر: ابعث غيره فانى لا آمن مراهنته فلم يلتفت الى قول الاشتر. فسار جرير الى معاويه بكتاب على، فقدم على معاويه، فالفاه وعنده وجوه اهل الشام، فناوله كتاب على، وقال: هذا كتاب على إليك، والى اهل الشام يدعوكم الى الدخول في طاعته، فقد اجتمع له الحرمان، والمصران، والحجازان، واليمن، والبحران، وعمان، واليمامه، ومصر، وفارس، والجبل، وخراسان، ولم يبق الا بلادكم هذه، وان سال عليها واد من اوديته غرقها.