للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى اهل القواصى القعقاع بن أبرهة، وعلى الخيل كلها عمرو بن العاص، وعلى الرجاله كلها الضحاك بن قيس.

واصطف كل فريق منهم سبعه صفوف، صفين في الميمنه وصفين في الميسره، وثلاثة صفوف في القلب، فكان الفريقان اربعه عشر صفا، فوقفوا تحت راياتهم، لا ينطق احد منهم بكلمة، فخرج رجل من اهل العراق يسمى جحل بن اثال، وكان من فرسان العرب، فوقف بين صفوف اهل العراق واهل الشام، ثم نادى هل من مبارز؟ وهو متقنع بالحديد، فخرج اليه أبوه اثال، وكان من معدودى فرسان اهل الشام متقنعا بالحديد، ولم يعلم واحد منهما من صاحبه، فتطاردا، والناس قد شخصت أبصارهم، ينظرون، فطعن كل واحد منهما صاحبه، فلم يصنعا شيئا، لكمال لامتيهما [١] ، فحمل الأب على الابن، فاحتضنه حتى اشاله [٢] عن سرجه، فسقط وسقط الأب عليه، فانكشفت وجوههما، فعرف كل واحد منهما صاحبه، فانصرفا الى عسكريهما، ثم تفرق الناس يومئذ، ولم يكن بينهما غير هذا.

فلما أصبحوا عادوا الى مواقفهم، كما كانوا بالأمس، فخرج عتبة بن ابى سفيان حتى وقف على فرسه بين الصفين، فدعا جعدة بن هبيرة بن ابى وهب القرشي، ليخرج اليه، فاقبل جعدة حتى دنا من عتبة، فتجاريا ما هم فيه، وتقاولا حتى اغضب جعدة عتبة، فتناوله عتبة بلسانه، فانصرفا مغضبين، وعبى كل منهما لصاحبه كتيبه، فاقتتلوا بين الصفين، واعين الناس اليهم، وباشر جعدة القتال، فانهزم عتبة، وانصرف الفريقان لم يكن بينهم يومئذ الا ذاك، فقال النجاشى يذكر ما كان بينهما:

ان شتم الكريم يا عتب خطب ... فاعلمنه من الخطوب عظيم

أمه أم هانئ، وأبوه ... من لؤي بن غالب لصميم

انه للهبيره بن ابى وهب ... ، اقرت بفضله مخزوم


[١] اللامة: الدرع.
[٢] رفعه.

<<  <   >  >>